responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 12  صفحه : 187
وَالْمُصْلِحُونَ مُقَابِلُ الْمُفْسِدِينَ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ: يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ- وَقَوْلِهِ- وَكانُوا مُجْرِمِينَ [هود: 116] ، فَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُهْلِكُ قَوْمًا ظَالِمًا لَهُمْ وَلَكِنْ يُهْلِكُ قَوْمًا ظَالِمِينَ أَنْفُسَهُمْ. قَالَ تَعَالَى: وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ [الْقَصَص: 59] .
وَالْمُرَادُ: الْإِهْلَاكُ الْعَاجِلُ الْحَالُّ بِهِمْ فِي غَيْرِ وَقْتِ حُلُولِ أَمْثَالِهِ دُونَ الْإِهْلَاكِ الْمَكْتُوبِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ وَهُوَ فَنَاءُ أُمَّةٍ وَقِيَامُ أُخْرَى فِي مُدَدٍ مَعْلُومَةٍ حَسَبَ سنَن مَعْلُومَة.
[118، 119]

[سُورَة هود (11) : الْآيَات 118 إِلَى 119]
وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)
لَمَّا كَانَ النَّعْيُ عَلَى الْأُمَمِ الَّذِينَ لَمْ يَقَعْ فِيهِمْ مَنْ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فَاتَّبَعُوا الْإِجْرَامَ، وَكَانَ الْإِخْبَارُ عَنْ إِهْلَاكِهِمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ ظُلْمًا مِنَ اللَّهِ وَأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مُصْلِحِينَ لَمَا أُهْلِكُوا، لَمَّا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ قَدْ يُثِيرُ تَوَهُّمَ أَنَّ تَعَاصِيَ الْأُمَمِ عَمَّا أَرَادَ اللَّهُ مِنْهُمْ خُرُوجٌ عَنْ قَبْضَةِ الْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِمَا يَرْفَعُ هَذَا التَّوَهُّمَ بِأَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ يَجْعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً مُتَّفِقَةً عَلَى الْحَقِّ مُسْتَمِرَّةً عَلَيْهِ كَمَا أَمَرَهُمْ أَنْ يَكُونُوا.
وَلَكِنَّ الْحِكْمَةَ الَّتِي أُقِيمَ عَلَيْهَا نِظَامُ هَذَا الْعَالَمِ اقْتَضَتْ أَنْ يَكُونَ نِظَامُ عُقُولِ الْبَشَرِ قَابِلًا لِلتَّطَوُّحِ بِهِمْ فِي مَسْلَكِ الضَّلَالَةِ أَوْ فِي مَسْلَكِ الْهُدَى عَلَى مَبْلَغِ اسْتِقَامَةِ التَّفْكِيرِ وَالنَّظَرِ، وَالسَّلَامَةُ مِنْ حُجُبِ الضَّلَالَةِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْعُقُولَ صَالِحَةً لِذَلِكَ جَعَلَ مِنْهَا قَبُولَ الْحَقِّ بِحَسَبِ الْفِطْرَةِ الَّتِي هِيَ سَلَامَةُ الْعُقُولِ مِنْ عَوَارِضِ الْجَهَالَةِ وَالضَّلَالِ وَهِيَ الْفِطْرَةُ الْكَامِلَةُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 12  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست